وربما يسلم الأول ، ويتردّد في الثاني ؛ لأنّ العمدة في الأوّل الإجماع ، وهو منفيّ في الثاني (١) وإن كان الحكم فيه أيضاً مشهوراً بين الأصحاب كما ادّعاه بعضهم (٢) ؛ لما مرّ من احتمال الإكراه ، وهو يوجب الشبهة الدارئة.
والجواب عنه بما مرّ من مخالفته الأصل والظاهر ضعيف غايته ، كيف لا؟! وغايتهما إفادة الظهور ، وهو غير كافٍ في إثبات الحدود ؛ لعدم منافاتهما الشبهة الدارئة ، ولذا لو ادّعى ما يوجبها قُبِلَ ولو كان مخالفاً لهما إجماعاً.
نعم ، يجاب عن هذا التردّد بابتنائه على انحصار الدليل في الأوّل في الإجماع بناءً على ضعف الخبر من وجوه ، وهو في حيّز المنع ؛ لانجبار ضعف الخبر بالشهرة ، ودعوى الحلّي الإجماع على روايته وقبوله ، فيجبر به بجميع ما فيه ، حتى التعليل المقتضي للتعميم.
( الثانية : من شربها ) أي الخمر ـ ( مستحلا ) لشربها أصلاً وهو مسلم ( استُتيب ، فإن تاب أُقيم عليه الحدّ ) ثمانون جلدة خاصّة ( وإلاّ ) يتب ( قُتِلَ ) من غير فرق في الاستتابة بين كونه فطريّاً أو ملّياً ، كما عن الشيخين (٣) وأتباعهما (٤).
قيل : لإمكان عروض الشبهة في الشرب فاستحلّه ، والحدود تدرأ بالشبهات (٥).
__________________
(١) الروضة ٩ : ٢١٠.
(٢) المسالك ٢ : ٤٤٠ ، وفيه : الأشهر القبول.
(٣) المفيد في المقنعة : ٨٠١ ، الطوسي في النهاية : ٧١١.
(٤) القاضي في المهذّب ٢ : ٥٣٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤١٦ ، والراوندي في فقه القرآن ٢ : ٣٧٩.
(٥) انظر المسالك ٢ : ٤٤٠.