نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) وقوله : (ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ، فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) وقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ ، كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) وقوله : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ، وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) ، وقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ ، أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ، وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها ، وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الأمور الدنيوية لا يمكن أن يكون لها وجود يوم القيامة ، وأن النفس الآدمية ما دامت من جنس هذه الأكوان الدنيوية ، فهي حطب جهنم وصلى النار ، كما قال : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) وإنما يستحق النعيم ويستأهل لجوار الله والجنة من تبدل وجوده ، وصار جوهرا علميا بعد ما كان جوهرا دنيويا ، وذلك بمزاولة اكتساب العلوم وملكة التجريد. فظهر أن محبة الدنيا منشأ الكفر والاحتجاب ومادة الشقاوة والعذاب ، وأن بناء التنعم في الآخرة والحياة الدائمة على العلم والمعرفة ، إذا ما لم يصر جوهر الإنسان جوهرا إدراكيا علميا لم يجعل من جنس الجواهر الحية القريبة من الله ودار كرامته المرتفعة عن عذاب النار ومنزل البوار المتنعمة بنعم دار الحيوان المنسرحة في طبقات الجنان.
قاعدة
في الإشارة إلى أن هذا المنهج أعني : منهج التوحيد وهو طلب العلم بالله وآياته وملكه وملكوته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر هو مسلك جميع الأنبياء والأولياء عليهمالسلام ، وأن لا خلاف بينهم في شيء من العلوم الإلهية والأصول الإيمانية ، وأن طريقتهم في العلم واحد ودينهم دين واحد ، وإنما الخلاف بين شرائعهم في المسائل الفرعية العملية التي قد يختلف باختلاف الأزمنة والأوقات ، قوله تعالى (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي