عارضة ويصفى وجه المرآة عن كل صورة فيتصرف فيه جذبة العناية ويتجلى في مرآته وجه الحق الباقي ، وكان العالم كله كدائرة انعطف آخرها إلى أولها ، إحدى قوسيه نزولية والأخرى صعودية ، ولها نقطتان إحداهما نهاية أولاهما وبداية أخراهما وهي الهيولى ، والثانية بالعكس وهو الإنسان الكامل ، روح العالم ، مظهر اسم الله وخليفة الرحمن ، كما قيل :
ليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد |
قاعدة
في تحقيق الخلافة الإلهية
اعلم أنه لما اقتضى حكم الإلهية الجامعة لجميع الكمالات المشتملة على الأسماء الحسنى والصفات العليا بسط مملكة الإيجاد والرحمة ونشر لواء القدرة والحكمة ، بإظهار الممكنات وإيجاد المكونات وخلق الخلائق وتسخير الأمور وتدبيرها ، وكان مباشرة هذا الأمر من الذات الأحدية القديمة بغير واسطة بعيدة جدا ، لبعد المناسبة بين عزة القدم وذلة الحدوث ، فقضى الله سبحانه بتخليف نائب ينوب عنه في التصرف والولاية والإلايجاد والحفظ والرعاية ، فلا محالة له وجه إلى القديم يستمد من الحق سبحانه ، ووجه إلى الحدوث يمد به الخلق ، فجعل على صورته خليفة يخلف عنه في التصرف ، وخلع عليه خلع جميع أسمائه وصفاته ومكنه في مسند الخلافة بإلقاء مقادير الأمور إليه وإحالة حكم الجمهور عليه وتنفيذ تصرفاته في خزائن ملكه وملكوته ، وتسخير الخلائق لحكمه وجبروته ، وجعل له بحكم مظهرية اسميه الظاهر والباطن حقيقة باطنة وصورة ظاهرة. ليتمكن بهما من التصرف في الملك والملكوت. فالمقصود من وجود العالم وإيجاد الأشياء فيه شيئا فشيئا ، أن يوجد الإنسان الذي هو خليفة الله في العالم ، فالغرض من الأركان أن يحصل منها النباتات ، والغرض من النباتات أن يحصل منها الحيوانات ، ومن الحيوانات أن يوجد الأجساد البشرية ومن