حفظه كقوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) ، وبرهان قوة علمه قال علي عليهالسلام : علمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم فاستنبطت من كل باب ألف باب ، وإذا كان حال الولي هكذا فكيف حال النبي المعلم ، وأما برهان قوته المحركة العملية فلعروجه بجسده النوراني إلى أقصى عالم السماوات وهو سدرة المنتهى ، وبروحه المقدس إلى قاب قوسين أو أدنى ، وأما برهان عقله العملي فقوله : (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، وقوله : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
قاعدة
في حقيقة الدنيا والآخرة
قال الله تبارك وتعالى (أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ) إلى قوله (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) ، وقال : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) ، وقال : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ) إلى قوله (فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) وقال : (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ).
واعلم أن الدنيا من عالم الملك والشهادة ، والآخرة من عالم الملكوت والغيب ، وربما قيل : إن الدنيا عالم المحسوسات والآخرة عالم المعقولات ، وهذا غير سديد عندنا ، وإنما هو قول جمع من الفلاسفة المنكرين للمعاد الجسماني ، ولوجود الجنة والنار الجسمانيين ، والأجود أن يقال إن الدنيا عالم الكون والفساد ، والآخرة دار القرار ، أو يقال : إن الدنيا عالم الظلمات ، والآخرة عالم النور ، أو يقال : إن الدنيا عالم الموت ، والآخرة عالم الحياة ، والله تعالى هو (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) و (جَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ، يعني الدنيا والآخرة.
وتوضيح ذلك على نسق البرهان العقلي أن الصورة التي يتعلق بها العلم والإدراك على ضربين ، إما صورة مادية مغموسة في المادة ، التي شأنها العدم والقوة وقبول الكثرة والانفصال والتباعد في الجهات ، و