عنه ، ويشبه أن يكون إحداهما وهو القلم جوهرا عقليا بل العقل الكلي وهو العالم العقلي بجملته ، وثانيهما أعني اللوح جوهرا نفسانيا بل النفس الكلية وهو العالم النفساني بجملته.
قاعدة
في العرش والكرسي
قيل سئل محمد بن الحنفية رضي الله عنه عن الكرسي فقال : فلك البروج ، فمن جعله فلك البروج جعل العرش فلك الكل أو فلك الأفلاك ، وذهبت المشبهة إلى أن العرش موضع التدبير والتقدير ، والكرسي موضع التجلي والزيارة ، وذكروا أن الله ينزل من العرش إلى الكرسي فيتجلى للخلق ويقضي بينهم بالحق.
أقول : «إنما قالوا ذلك وأمثاله لآثار بلغت إليهم منقولة عن النبي صلىاللهعليهوآله في هذا الباب ، لو عرفوها حق معرفتها لما ضلوا وأضلوا ،
وقال بعضهم إن العرش مظهر الرب ، والكعبة معلمه ، فدعا الله العباد إلى مظهره بقلوبهم وإلى معلمه بأبدانهم ، ومنهم من قال : إن الله متمكن على العرش وقدماه على الكرسي ، جل الباري عن صفات المخلوقين ونعوت المحدثين ، وقال بعض أرباب القلوب العرش هو قلب العالم والإنسان الكبير والكرسي هو صدره ، وهذا أصح الأقوال وأسدها وأحسنها ، وذلك لأن المراد من القلب المعنوي هو مرتبة النفس المدبرة المدركة للكليات ، والقلب الصوري مظهرها ، وكذا المراد من الصدر المعنوي هو مرتبة النفس الحيوانية المدركة للجزئيات ، وهذا الصدر الجسماني مظهرها ، ونسبة استواء النفس الإنسانية على قلبه بالتدبير إلى استواء الرحمن على عرشه بالعناية والرحمة كنسبة القلب الصنوبري إلى العرش الصوري ، وكذلك نسبة تصرف النفس الحساسة الحيوانية في الصدر المحيط بجوهر الكبد لمكان الدم الطبيعي المنتشر في البدن كله إلى تصرف