الغضب ، ومنها الفاعلة لجذب الأوتار وإرخائها وآلتها الأعصاب المنشعبة بعضها عن الدماغ وبعضها عن النخاع ، وقد جعله الله خليفة الدماغ ، وحامل هذه القوى الروح البخاري الذي جعله الله خليفة النفس ورسولا منها إلى البدن ، وهو الحار الغريزي عند الأطباء ، المنبعث أولا من القلب الصنوبري صورة القلب المعنوي ، وإذا لطف جدا حتى يشبه الجرم الفلكي صار محل استواء الروح النطقي المضاف إلى الله في قوله : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي).
قاعدة
في أن الغرض من هذه الموجودات وقواها الطبيعية والنباتية والحيوانية كلها خلقة الإنسان الذي هو غاية خلقة العناصر والأركان ، لأنه صفوها وأصلها وخلق من فضالتها وثفلها سائر الأكوان ، فهو الصفوة العليا واللباب الأصفى وغيره كالقشور لصيانة وجوده عن الآفة ، ولذلك تزول هي وترمى ، وهو يدوم ويبقى محشورا راجعا إلى ربه ، والإشارة إلى أن كل ما يوجد في العالم من سائر الأكوان إنما خلق لأجل الإنسان.
قال تعالى في باب المعادن والجماد : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) ، وقال : (هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ، وقال : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) ، وقال : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) ، وقال : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) ، وقال في باب النبات : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ