ومرتضع بدر طيب ، مأخوذا في صغره من قبل مربية بالآداب الصالحة ، وبالصيانة عن مصاحبة الأشرار ، ومتخصصا بعد بلوغه بمذهب حق ، ومجتهدا بنفسه في تعرف الحق مسارعا إلى الخير فمن وفق في هذه الأشياء يجمع فيه الخيرات من جميع الجهات ، كما قال تعالى : (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) ، ويكون جديرا أن يعد ممن وصفه الله تعالى : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) ، والرذل التام الرذيلة ، هو من يكون بعكس ذلك في الأمور التي ذكرناها.
قاعدة
في أن أفراد البشر ذوات نفوس حيوانية جزئية مجردة
كلها عن البدن الطبيعي لا عن الصورة المثالية
اعلم أن لكل من أفراد البشر قوة خيالية يحضر عندها الصور الإدراكية الغير الموجودة في مواد هذا العالم ، إذ ليست هي ذوات جهات وأوضاع وأحياز من هذا العالم الطبيعي ، وكل قوة هذا شأنها فهي مجردة الذات عن المواد الطبيعية ، فلكل من أفراد البشر خيال بالفعل ، ولأجل ذلك يحشرون في الآخرة ويبعثون إلى عالم آخر قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) ، ولسائر الحيوانات نفوس حساسة بالفعل متخيلة بالقوة ، فليس لها نشأة أخرى ، ولا حشر ولا نشر ، اللهم إلا على ضرب آخر لا على وجه الامتياز والاستقلال كما بيناه في بعض رسائلنا.
قاعدة
في أن أفراد الإنسان تصير متخالفة الحقائق والماهيات في
آخر الأمر بحسب الباطن ، بعد ما كانت متفقة الحقيقة
والماهية في بداية الخلقة ، بيان ذلك
أن النفس الإنسانية هي آخر الصور الجسمانية وأفضلها ، وأول