الطبيعي الذي فطر الله الأشياء عليه ، فكذا يمتنع أن يتعلق النفس التي كانت متعلقة ببدن وخرجت في بعض ما لها من الأحوال من القوة إلى الفعل تارة أخرى بمادة بدنية حادثة عند أول تكونها كالنطفة أو الجنين ونحو ذلك ، فإن النفس المنسلخة عن بدن من الأبدان قد خرجت في بعض ما لها من كمالات الوجود من القوة إلى الفعل ، وظاهر أنها لا يمكن فرض تعلقها الثانوي ببدن جديد إلا عند حدوثه وأول تكونه ، فإذن يلزم من انتقال النفس إلى بدن آخر كون إنسان واحد بحيث يكون نفسه بالفعل وبدنه بالقوة ، وهذا محال كما أوضحناه ، فثبت أن التناسخ بالمعنى المذكور محال.
أما التناسخ بمعنى تحول النفس وانتقالها على سبيل الاتصال من نوع إلى نوع فليس بممتنع ، كنقل الصورة الطبيعية لمادة خلقة الإنسان من الجمادية إلى النباتية ومنها إلى الحيوانية ومنها إلى الإنسانية ثم إلى الملكية وما بعدها ، أو على وجه النزول كما في أمة موسى عليهالسلام ظاهرا وفي هذه الأمة باطنا ، وهذا الانتقال على وجه النزول لا ينافي ما ذكرناه آنفا ، من توجه كل نفس إلى ما فوقها ، وذلك لأن الخروج من القوة إلى الفعل في شيء من الكمالات الحيوانية لا ينافي الشقاوة في الآخرة بل يؤكده ، فإن الطرق إلى الدار الآخرة متفاوتة ، بعضها طرق السعادة والوصول إلى دار الكرامة والقرب من عند الله ، وبعضها طرق الشقاوة والوصول إلى دار الانتقام والبعد من رضوانه.
ومما ورد في مسخ الباطن لهذه الأمة هو قول النبي صلىاللهعليهوآله في حق طائفة : إخوان العلانية أعداء السريرة ، يلبسون جلود الكباش وقلوبهم كالذئاب ، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر.
كشف خفاء لبسط ضياء
اعلم أن ما نسب إلى قدماء الحكماء كالفلاطن ومن سبقه من أساطين الحكمة وهم المقتبسون أنوار علومهم من مشكاة النبوة ، هو بعينه ما ورد