الطرف الثالث
في علم المعاد وبيان حشر النفوس والأجساد وفيه مشاهد :
المشهد الأول
في بيان الفطرة الأولى للإنسان والعود إليها وفي التقابل
بين مراتب البدو ومراتب النهاية
اعلم أن المبدأ هي الفطرة الأولى كما قال (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) ، والمعاد هو العود إليها ، لقوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ، فالإشارة إلى المبدإ قوله صلىاللهعليهوآله : كان الله ولم يكن معه شيء ، وقوله : (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) ، وقوله : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) ، فهذا الوجود للممكن هو الخروج من العدم الأصلي إلى الكون وهو الحدوث ، والإشارة إلى المنتهى قوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ، وقوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) وقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ، وهذا خروج من هذا الوجود الناقص المجازي إلى العدم الأصلي ، والبدو والرجوع متقابلان في الجهة ، متحدان في الموضوع ، كما وقعت الإشارة إليه ، فبحكم المبدإ ينبغي أن يسأل الرب تعالى ويجيب الخلق ، فقال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ، وبحكم المعاد ينبغي أن يسأل الرب ويجيب هو عن نفسه ، فقال : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ، فالسقوط الأول للإنسان من