المرسلين ، سلام الله عليهم أجمعين ، فإنها ليست بكلام الله ، بل كتب يدرسونها ، ويكتبون بأيديهم. فهذا المنزل بما هو كلام الله نور من أنوار الله المعنوية النازل من عنده على قلب من يشاء من عباده المحبوبين (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) وقوله : (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) قوله : «نزل على قلبك بالحق» وقوله : (بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ).
وهو بما هو كتاب نقوش وأرقام وصور وألفاظ وفيها آيات أحكام نازلة من السماء نجوما على صحائف قلوب المحبين وألواح نفوس الطالبين ، وغيرهم يكتبونها في صحائفهم وألواحهم الحسية بحيث يتلوها كل تال ويقرؤها كل قار ، ويتكلم بها كل متكلم ، وبها يهتدون وبما فيها يعملون ، ويتساوى في هداها الناس العوام والخواص والأنبياء والأمم ، كقوله : (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) وقوله : (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ) وقوله : (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ ، فِيها حُكْمُ اللهِ).
وأما القرآن العظيم الكريم ، ففيه عظائم الأمور الإلهية التي لا يصل إلى دركه إلا أهل الله خاصة ، لقوله : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ، وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) وفيه كرائم أخلاق الله التي تخلق بها رسول الله ، صلىاللهعليهوآله لقوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وكان خلقه القرآن ، كما نقل.
ويدل على ذلك قوله (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) بيان ذلك : أن القرآن نور كما مر من قوله : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ) فإذا خرجت به نفوس أمته من الظلمات إلى النور ، صاروا متصفين بالنور متخلقين به ، فإذا كان حال الأمة هذا الحال ، فما ظنك بحال نبيهم ، صلىاللهعليهوآله.
دقيقة كشفية
واعلم أنه قد يكون شيء واحد كلاما وكتابا باعتبارين لما علمت ،