المشهد الثالث
في تحقيق القبر وعذابه وثوابه
قال بعض الأكابر إن نفس الإنسان إذا تجردت عن البدن ربما لا يتجرد عن آثاره وغباره ، بل يصحبها الهيئات المكتسبة ، وهي عند الموت عارفة بمفارقة البدن عن دار الدنيا (١) ، مدركة ذاتها بقوتها الوهمية عين الإنسان المقبور الذي مات على صورته ، كما كان في الرؤيا يشاهد نفسها على صورته التي كانت في الخارج بعينها ، ويشاهد الأمور مشاهدة عيان بحسها الباطني ، ويشاهد الآلام الواصلة إليها على سبيل العقوبات الحسية على ما وردت به الشرائع الحقة ، وهو عذاب القبر ، وإن كانت سعيدة فيتصور ذاتها وصور أعمالها ونتائج ملكاتها وسائر المواعيد النبوية على وفق ما كانت تعتقده أو فوق ما يتصوره ، فهذا ثواب القبر ، ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) البدن العنصري الحي بالحياة الدنياوية ، فهذا البدن العنصري الذي هو من المركبات العنصرية ومن الموجودات الدنيوية التي وجودها عين الموجودات الدنياوية بما هي دنيوية ، كيف يتصور ويتعقل مفارقته عن دار الدنيا وخروجه عنها إلى دار أخرى غير دار الدنيا لاستلزام هذه المفارقة والخروج مفارقة الشيء عن نفسه وانفكاكه عنهما ، وانفكاك الشيء الشخصي بعينه عن نفسه من الأمور النسبية الاستحالية وإن أراد منه البدن الأخروي المعروف بالقالب المثالي وهو الصورة المثالية الملكوتية التي هي بعينها الروح النفسانية المعروفة بالحس الباطن ويسمى بالقوة الخيالية والصورة الخيالية فهذه المفارقة فرع القول بتجرد قوة الخيال وبوجود عالم المثال الصوري وبوجود البعد المجرد عن المادة والمدة وهذا الشيخ ومن يحذو حذوه لا يقولون ولا يمكن لهم القول بذلك والحق على مشربه الكدر هو الاحتمال الأول وهو كما ترى أظهر فلا تغفل (نوري قدسسره)