المشهد الخامس
في الصراط
الصراط طريق (١) الحق ودين التوحيد الذي جميع الأنبياء والرسل عليهمالسلام ومتابعيهم عليه ، وجميع المقامات السنية وأحوال السالكين في السير إلى الله وفي الله راجعة إليه ، وعلم التوحيد أنفع العلوم وأنورها وأشرفها وأوثقها ونقاوتها وصفوتها ، وهو المقصد الأقصى والمنزل الأعلى ، وليس وراء عبادان قرية ولا مطمع في النجاة إلا باقتنائه ، ولا فوز بالدرجات إلا باجتنائه ، ولعلو مرتبته انقلبت البصائر عنه كليلة ، والعقول عليلة ، والنواظر خواسر ، وحقيقة التوحيد يجل عن أن يحيط بها فهم ، أو يحوم حوم حماها وهم ، ولا يصعد أحد إلى جوار الله وقربه إلا صاحب علم التوحيد ، وما يمر على درجات السلوك نحوه والصعود إليه إلا بقوة هذا اليقين ، فهو السالك الواصل إليه تعالى بقطع منازل الاحتجاب ، وطي طبقات الحسنات و
__________________
(١) إن صراط التوحيد هو نفس المؤمن المسافر من بيت نفسه إلى الله امتثالا لأمره تعالى حيث قال (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) وإن تلك المسافرة الرجوعية لأجل أن يسلم نفسه التي باعها منه سبحانه بثمن الجنة كما قال جل شأنه (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) وبعد التسليم لما صارت نفس المؤمن نفسه عمت رحمته كتب على نفسه الرحمة وغرس فيها بيده فصارت جنة فيملكها حالتئذ إياه تمليكا صريحا أبديا فيدخلها المؤمن مستورا بالجنة التي هي سترة الله الساترة له سالمة مسلمة نفسه التي صارت مطمئنة ببرد اليقين وذلك هو الغفران المبين (نوري قدسسره)