المشهد السادس
في نفخ الصور
لما سئل النبي صلىاللهعليهوآله عن معنى الصور فقال قرن من نور التقمه إسرافيل فوصفه بالسعة والضيق ، فقيل إن أعلاه أوسع وأسفله أضيق ، وقيل بالعكس ولكل من القولين وجه صحة كما لا يخفى على العارف ، والصور بضم الصاد وسكون الواو وقرئ بفتحها أيضا جمع الصورة ، لأن نافخها واهب الصور بإذن الله.
قال الشيخ العربي في الفتوحات المكية بعد ذكر الناقور والصور ليعلم بعد ما قررناه أن الله تعالى إذا قبض الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية والعنصرية ، أودعها صورا أخذها في مجموع هذا القرن النوري ، فجميع ما يدركه الإنسان بعد الموت في البرزخ من الأمور يدركها بعين الصورة التي هو بها في القرن ، والنفخة نفختان ، نفخة تطفئ النار ، ونفخة تشعلها ، فكذلك نفخة الصور ، نفختان.
الأولى لإماتة الإنسان ولمن يزعم أن له حياة ، سواء كان من أهل السماوات أو من أهل الأرض ، قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) ، وهم الذين سبقت لهم القيامة الكبرى ، وإليهم الإشارة بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) إلى قوله : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) ، إذ الفزع الأكبر هو إشارة إلى قوله : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، وأولئك ليسوا