وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وكما قال : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) ، إذ لا يستأهل دار الله وجواره ولا الصعود إلى المنزل الأعلى ، كما قال : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) لكثافة جوهرهم وثقلهم وتعلقهم بهذا البدن الطبيعي ، وتثبطهم وقعودهم عن الارتقاء إلى عالم السماء وإخلادهم إلى الأرض ، لقوله : (لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ).
قاعدة
في أحوال تعرض يوم القيامة
إذا ظهر نور الأنوار وانكشف جلال وجه الله القيوم ، وغلب سلطان الأحدية ، واشتدت جهات الفاعلية والتأثير والتنوير ، وأخرجت القوابل والمستعدات من القوة إلى الفعل ، وانتهت الحركات إلى غاياتها ، وبرزت الحقائق من مكامن غيبها وحجب موادها وإمكاناتها إلى مجالي ظهوراتها ، انخرط كل ذى مبدإ في مبدئه ، ورجع كل شيء إلى أصله وعاد كل نقص إلى كماله وكل ذي غاية إلى غايته ، قوله : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) ، وقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ،) ، وقوله : (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) ، وقوله : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، فإذا اتصل كل فصل إلى وصله ، والتحق كل فرع بأصله ، وبلغ كتاب كل شيء أجله ، وجمع كل مستفيض بمفيضه ، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ، فلم يبق لأنوار الكواكب عند ذلك ظهور ، (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) ، ولا لأجرامها قدر ووضع ، (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) ، وزال ضوء الشمس وانكدر نور الكواكب (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) و (إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) ، ومحى نور القمر (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) ولم يبق بعد ومسافة بين المنير والمستنير ، ولا تفاوت ولا تباين (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ، واتحدت النفوس بالأرواح وزالت المباينة بين الأشباح والأرواح ، ولهذا يكون أبدان أهل الجنة بصورة نفوسها كالشخص وظله ، ورجعت السماوات والأرض على ما