شهد الله لهم بالصدق ، وتفصيل ذلك مذكور ، في المفاتيح الغيبية.
واعلم أن الموازين الواردة في القرآن في الأصل ثلاثة ، ميزان التعادل ، وميزان التلازم ، وميزان التعاند ، لكن ميزان التعادل تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، الأكبر والأوسط والأصغر ، فيصير الجميع خمسة وتفاصيلها وبيان كل منها وكيفية استنباطها من القرآن المجيد مذكورة هناك.
الأول الميزان الأكبر من موازين التعادل وهو ميزان الخليل عليهالسلام وقد استعلمه مع نمرود وهو كما حكى الله بقوله : (قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) إلى قوله : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) ، وقد أثنى الله عليه في استعماله لهذا الميزان ، قال : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) ، فإن في حجته الثانية التي بها صار نمرود مبهوتا ، لأنه أدركها ولم يبلغ دركه إلى الحجة الأولى ، أصلين ، إذ مدار القرآن على الحذف والإيجاز ، وكمال صورة هذا الميزان أن يقال : كل من قدر على اطلاع الشمس من المشرق هو الإله ، هذا أحد الأصلين ، وإلهي هو القادر على اطلاعها منه الأصل الآخر ، فلزم من مجموعها أن إلهي هو الإله دونك يا نمرود ، والأصل الأول مقدمة ضرورية متفق عليها ، والثاني من المشاهدات ويلزم منهما النتيجة ، فكل حجة صورتها هذه الصورة وصح فيها أصلان كان حكمها في لزوم النتيجة المناسبة هذا الحكم ، إذ لا دخل لخصوص المثال ، فإذا جردنا روح الميزانية عن خصوصية المثال نستعملها في أي موضع أردنا وننتفع بها ، كما يأخذ الناس معيارا صحيحا وصنجة معروفة ، فيزنون الذهب والفضة وغيرهما بتلك الصنجة المعروفة.
الثاني الميزان الأوسط وهو أيضا واضعه الله ومستعمله الأول خليل حيث قال : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ، وكما صورته أن القمر آفل ، والإله ليس بآفل ، فالقمر ليس بإله ، وأما حد هذا البرهان وروحه فهو أن كل شيئين وصف أحدهما بوصف يسلب عن الآخر فهما متباينان.
الثالث الميزان الأصغر فهو أيضا مبناه من الله ، حيث علم به نبيه محمدا صلىاللهعليهوآله في القرآن وهو قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ