قاعدة
في الإشاره إلى عمدة مقاصد الكتاب الإلهي وأصول معاقده وأحكامه
اعلم أولا ، أن سر نزول القرآن ومقصده الأقصى ولبابه الأصفى ، دعوة العباد إلى الملك الأعلى ، رب الآخرة والأولى ، والغاية المطلوبة فيه تعليم ارتقاء العبد من حضيض النقص والخسران إلى أوجه الكمال والعرفان وبيان كيفية السفر إلى الله طلبا لمرضاته ولقائه ومجاورة لمقربيه ، وتنعما للروح السعيدة بما في حضرة ملكوته ، وانسراحا للنفس في روضات جنانه ، ونجاتا لها عن دركات الجحيم ومجاورة مؤذياتها والتعذيب بنيرانها وعقاربها وحياتها ، ولأجل ذلك انحصرت فصوله وأبوابه وسوره وآياته في ثلاثة مقاصد هي كالدعائم والأصول والأعمدة المهمة ، وثلاثة أخرى هي كالروادف والمتممات واللواحق والمعينات.
أما الأصول المهمة فأولها ، معرفة الحق الأول وصفاته وأفعاله.
وثانيها ، معرفة الصراط المستقيم ودرجات الصعود إلى الله وكيفية ـ السلوك عليه وعدم الانحراف عنه.
وثالثها ، معرفة المعاد والمرجع إليه وأحوال الواصلين إليه وإلى دار رحمته وكرامته ، وأحوال المبعدين عنه والمعذبين في دار غضبه وسجن عذابه ، وهو علم المعاد والإيمان باليوم الآخر.
وأما الثلاثة الأخيرة ، فأحدها ، معرفة المبعوثين من عند الله لدعوة الخلق ونجاة النفوس عن حبس الجحيم وسوقهم إلى الله ، وهم قواد سفر الآخرة ورؤساء القوافل ، والمقصود منه الترغيب إلى الآخرة والتشويق إلى الله.
وثانيها ، حكاية أقوال الجاحدين وكشف فضائحهم وتسفيه عقولهم في غوايتهم وضلالتهم وتحريهم طريق الهلاك ، والمقصود فيه التحذير عن طريق الباطل والتثبت على الطريق المستقيم.
وثالثها ، تعليم عمارة المنازل والمراحل إلى الله والعبودية وكيفية