المشهد العاشر
في الإشارة إلى الزبانية وعددها
قال تعالى : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ، ... (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ).
واعلم أن مدبرات الأمور في برازخ عالم الظلمات وأشباح عالم الطبيعة التي ظاهرها الدنيا وباطنها طبقات الجحيم هي المشار إليه بقوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) بعد قوله : (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) ، لأن وجود كل منها تحت وجود جوهر قدسي مفارق الذات سابق الوجود على النفسانيات والطبيعيات المدبرات كروحانيات العالم الكبير الجسماني والعالم الصغير الإنساني ، فهي في العالم الكبير العلوي أرواح الكواكب السيارة والبروج الاثني عشرية والمجموع تسعة عشر مدبرا ، وكذا في العالم الصغير البشري هي رءوس القوى المباشرة للتدبير والتصرف في البرازخ السفلية تسعة عشر قوى ، سبعة منها مبادي الأفعال النباتية وأسبابها وقواها ، ثلاثة منها الأصول في فعل التغذية والتنمية والتوليد ، وأربعة منها الفروع والخوادم ، واثنا عشر منها مبادي الإدراكات ، خمسة ظاهرة وخمسة باطنة واثنان مبدءان قريبان للتحريك ، أحدهما الشهوة مبدأ الجذب الملائم ، والثاني الغضب مبدأ الدفع