قاعدة
في توحيده تعالى وأحديته وصمديته
البرهان على واحديته أيضا ذاته ، كما دلت عليه آية (شَهِدَ اللهُ) فإنك قد علمت أنه حقيقة الوجود وصرفه ، وحقيقة الوجود أمر بسيط لا ماهية له ولا تركيب فيه أصلا ، فثبت أنه أحد ، صمد ، وكلما هو أحد صمد فهو واحد فرد لا شريك له ولا تعدد فيه ، إذ لا يتصور كثرة في صرف حقيقة شيء ، وكلما هو حقيقة نفس الوجود الصرف الذي لا أتم منه فلا يمكن فرض الاثنينية فيه فضلا عن جواز وقوع المفروض ، إذ تفاوت الوجودات المحضة والأنوار الصرفة بنفس الأتمية والأشدية ومقابلهما ، فلو فرض وجودان بسيطان ، لا بد وأن يكون أحدهما أتم وأشد من الآخر ، فيكون الآخر معلولا ، لما مر أن كل ناقص معلول ، إذ لو كانا تامين غير متناهيين في الشدة ، لزم أن يكون كل منهما نفس حقيقة الوجود بلا شوب شيء آخر ، فلزم أن يكون حقيقة واحدة من جهة ما هي تلك الحقيقة متكثرة ، إذ لا مميز هناك زائدا على نفس الوجود. وأيضا : كل اثنين فاثنينيتهما إما من جهة الذات والحقيقة ، كالسواد والحركة ، وإما من جهة جزء الحقيقة خارجا ، كالإنسان والفرس ، أو ذهنا ، كالسواد والبياض. أو من جهة كمالية ونقص في نفس الحقيقة المشتركة ، كالسواد الشديد والسواد الضعيف ، أو بسبب أمر زائد عارض كالكاتب والأمي ، وشيء من هذه الوجوه لا يتصور أن يكون منشأ لتعدد الواجب. أما الأول ، فلاتحاد حقيقة الوجود ، وأما الثاني ، فلبساطتها ، وأما الثالث ، فلتمامية الذات الواجبة ، وكون كل ناقص محدود معلولا لغيره ، وأما الرابع ، فلاستحالة كون الواجب متأخرا عن مخصص خارجي ، بل كل ما فرض مخصصا من كم أو كيف أو غير ذلك ، يجب أن يكون متأخر الوجود عن حقيقة الوجود ، فإذن ذات الواجب يجب أن يكون متعينة بذاتها ، فذاته شاهدة على وحدانية ذاته.
والآيات الدالة على وحدانيته تعالى كثيرة ، منها قوله : (وَقُلِ