بعضهم من وقوع العربدة والنزاع بين إلهين مفروضين ، لأنه كلام خطابي بل شعري ، جل جناب القرآن عن أمثال هذه النقصانات.
ويؤيد ذلك قوله : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ ، فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ، قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
قاعدة
في توحيده تعالى في حقيقة الوجود
قال الله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) وقال : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) والنور والوجود حقيقة واحدة لا فرق بينهما إلا بمجرد الاعتبار والمفهوم ، وكذا الظلمة والعدم ، فمعنى نور السماوات والأرض وجودهما ، وقال : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) ، (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) ، (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).
برهان ذلك : «أن الباري جل ذكره بسيط الذات أحدي الوجود كما مر ، وأن واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات فلا يوجد فيه جهة إمكانية فلو فرض في ذاته فقد شيء من الأشياء الوجودية ، أو إمكان أمر من الأمور الثبوتية ، لم يكن واجب الوجود من جميع الوجوه ، فيلزم أن يكون فيه حيثيتان مختلفتان ، حيثية وجوب وجود شيء وحيثية إمكان وجود شيء آخر أو امتناعه ، فيلزم التركيب في ذاته ولو بحسب العقل ، وهو ممتنع ، فلا بد أن يكون كل وجود وكل كمال وجمال رشحا من رشحات بحر جماله ولمعة من لمعات نور كماله ، فجميع الوجودات ثابتة له على وجه أعلى وأشرف ولا سلب له إلا سلب الإمكان الذي هو معنى سلبي بسيط ، فصفاته السلبية كلها راجعة إلى سلب النقصان ، والسلوب المندرجة كلها تحت سلب الإمكان ، قال : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ولم يقل ثالث اثنين ، إذ لم يصيروا بذلك كفارا ، بل هو ثالث الاثنين