قاعدة
في شمول قدرته وانبساط وجوده وسعة رحمته على الأشياء
قال تعالى : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقال : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وقال : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
اعلم أن موجودية الممكنات بهوية الحق الأول ، وبه قوام كل شيء وحياة كل حي ، كما أن بالروح الإنساني وهو خارج عن هذا العالم وجود أجزاء البدن وقوام آلاته وقواه ، وبه حياة كل عضو من الأعضاء وحسه وحركته ، إلا أن الروح قد ينفعل عن البدن ويستعين به وبآلاته وأعضائه في تحصيل الكمالات ، بخلاف الباري الأول ، فإنه غني عن العالمين ، وهو مبدأ وجوب وجود الأشياء بذاته ، وهو واسع لها منبسط على كلها ، لما مر أنه بسيط الذات لا يعزب عنه وعن علمه الذي هو عين ذاته شيء ، فالأشياء كلها بالقياس إليه واجبات ، وإن كانت بالقياس إلى أنفسها ممكنات ، فلو فرض شيء من الأشياء مسلوبا عنه تعالى من حيث هو هو ، فحيثية كونه هو غير حيثية كونه ليس بكذا ، وإلا لكان شيء واحد من جهة واحدة هو ولا هو. مثلا لو فرض أن ذاته «ألف» وقد صدق عليه أنه ليس «بب» فنقول حيثية كونه «ألف» هل هي بعينها حيثية كونه ليس «بب» أم لا ، فعلى الثاني يلزم في ذاته شيء دون شيء ، فلم يكن واحدا محضا ، وهذا خلف. وعلى الأول يلزم أن يكون المعقول من كونه ـ ألف ـ هو بعينه المعقول من كونه ليس ـ بب ـ وهو محال ، لأن المعقول من الأول هو الثبوت ، ومن الثاني هو السلب ، ويستحيل أن يكون المعقول من السلب نفس المعقول من الإيجاب وإن كان كل منهما مضافا إلى شيء آخر ، فإن المضاف إليه معناه خارج عن معنى المضاف والإضافه ، فالتخصيص به تخصيص بأمر خارج والتخصيص بالأمر الخارج لا يغير حقيقية الشيء في نفسها ، فإذن لو كان معنى ثبوت ـ ألف ـ بعينه معنى سلب ـ ب ـ لكانت طبيعة الثبوت بعينها طبيعة السلب ، فيكون الشيء غير