محض ، والإنسان من جملة المخلوقات ، له أن يسلك سبيل القدس وصراط الحق ويتطور في الأطوار الوجودية ويستبق في الخيرات حتى تزول عنه الشر بالكلية ويدخل في دار السلام ، ولذلك أمر الله لنا في الاستباق في الخيرات والافتراق من الشرور والظلمات والدخول في دار السلام ، كما في قوله تعالى : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) وقال : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ).
قاعدة
في تحقيق كلامه تعالى
اعتقادنا في الكلام أنه ليس كما زعمته الأشاعرة من أنه معان نفسية قائمة بذاته تعالى وسموها الكلام النفسي ، ولا كما ذهب إليه المعتزلة من أنه خلق أصوات وحروف دالة على المعاني في جسم من الأجسام ، وإلا لكان كل كلام كلام الله وهو باطل. ولا يكفي تقييده على قصد إعلام الغير من قبل الله ، أو على قصد الإلقاء من عنده ، ولو أريد بغير واسطة فهو غير ممكن وإلا لم يكن أصواتا وحروفا ، بل حقيقة التكلم إنشاء كلمات تامات وإنزال آيات محكمات وأخر متشابهات في كسوة الألفاظ والعبارات ، والكلام قرآن وهو العقل البسيط والعلم الإجمالي ، وفرقان وهو المعقولات التفصيلية ، وهما جميعا غير الكتاب ، لأنهما من عالم الأمر وعالم القضاء ، ومظهرهما وحاملهما القلم واللوح المحفوظ ، والكتاب من عالم الخلق والتقدير ومحله عالم القدر الذهني والقدر العيني ، والأولان غير قابلين للنسخ والتبديل ، لأنهما فوق الزمان والمكان بخلاف الكتاب لأنه موجود زماني ، ومحله لوح قدري نفساني هو لوح المحو والإثبات ، أو مواد خارجي ، وكلاهما متغيران ، والكتاب يدركه كل أحد ، والقرءان (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) من أدناس البشرية. وربما يقال : الكتاب للفرقان فإنه بالنسبة إلى القرءان كتاب منزل ، أو باعتبار أنه منزل أيضا في صورة مكتوبة