قاعدة
في أن صور المكونات الموجودة في هذا العالم مرتسمة متمثلة في نفوس السماوات وفي قواها المنطبعة على الوجه الجزئي ، والإشارة إلى معنى القضاء والقدر ، واللوح والقلم.
اعلم أن العالم الجسماني كله بمنزلة إنسان كبير ، وأن جوهر السماء بمنزلة أم الدماغ من بدن الإنسان ، وطبقاتها بمنزلة تجاويف الدماغ. وكما أن الدماغ الإنساني لمكان الروح النفساني الذي هو ألطف الأجرام الكونية مظهر يظهر فيه الصور الإدراكية والأشباح العينية والأشخاص المثالية للنفس ، وكما أن المرآة الخارجية مظهر يظهر بسببها الصور المبصرة للنفس ، فهكذا الروح الدماغي للطافتها وصفائها مرآة روحانية للنفس لما حقق في موضعه ، أن الصور الإدراكية سواء كانت كلية أو جزئية عقلية أو حسية غير حالة في جرم مادي كوني ، ولا أيضا قائمة بمادة جسمية ، فكذلك جوهر السماء وجرمها اللطيف مرآة يظهر فيها الصور الموجودة في نفسها الكلية من عالم الأمر. وبيان ذلك ، أن العالم الروحاني بجوهره المجرد القدسي مخزن القضاء الرباني ، وكذلك العالم النفساني بجرمه السماوي مظهر لقدره ، إذ الصور الإلهية التي في عالم القضاء في غاية الوحدة والصفاء ، لا ينفصل ولا تتمثل في معلوميتها لغيرها لشدة نوريتها ، كمرآة مضيئة ترد البصر عن إدراك ما فيها من الصور بشعاعها ، كما قال تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) فينتسخ من تلك الصور بالعقل الكلي الذي بمنزلة القلم الناسخ في لوح النفس الناطقة الكلية التي هي قلب الإنسان الكبير ، كما ينسخ بالقلم في اللوح صورا معلومة مضبوطة بعللها وأسبابها على وجه كلي ، كما يظهر في قلوبنا عند استحضارنا للمعلومات الكلية ، كالصور النوعية وكبريات القياس عند الطلب للأمر الجزئي المنبعث عنه العزم على الفعل ، وهو اللوح المحفوظ لانضباط تلك