كله أفلاكه وكواكبه وبسائطه ومركباته حدوثا زمانيا ، وأن أشخاصها الفلكية والعنصرية كلها متبدلة ، أما الفلكيات فعلى نهج الاتصال ، وأما العنصريات فعلى نهج الانفصال ، وصورها العقلية ثابتة عند الله باقية في علم الله ، فإن علم الله مصون عن التغير والتصرم ، كما قال تعالى : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) وهي كلمات الله التامات التي لا تبيد ولا تنفد ، وقال تعالى : (لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً).
والحاصل ، أن كل حركة سماوية شوقية دورية يحصل للمتحرك بها في كل آن وضع جديد يفيض بذلك الوضع على نفسه من مبدئه العقلي المتشوق إليه صورة عقلية هي كمال له وإشراق نوري توجب لها بقاء بعد فناء وحياة جديدة بعد موت وليسا بكمال بعد خلع فيتجدد منه حركة أخرى وشوق جديد إلى كمال آخر ، فينطبع من تلك الصورة العقلية في قوتها الخيالية صورة حيوانية جزئية أخرى مع لذة جزئية أخرى ، فينبعث منها شوق جزئي واهتزاز وطلب لوضع جزئي يحاكي به الصورة النفسانية المحاكية لتلك الصورة العقلية ، فيتخصص بذلك الوضع الإرادة الأولى الكلية في ذلك الوقت المعين وينزل بحسب كل وضع شخصي وإرادة جزئية من تلك المبادي العقلية ثم النفسانية على مواد هذا العالم بحسب استعداداتها المتعاقبة التابعة للأوضاع السماوية صور تتكمل بها تلك المواد ويتهيأ لقبول الصور التالية لهذه الصور الحاصلة التي سيحدث بالوضع اللاحق السماوي لهذا الوضع الحاصل ، وعلى هذا القياس يتعاقب الحركات ويتوارد الأوضاع فيتوالى الصور على جواهر السماوات ويتلاحق اتصال النفوس بغاياتها ومعشوقاتها العقلية ، ففي كل آن لها حشر جديد وقيامة ساعة قائمة ورجوع إلى الله.
عقدة وحل
فإن قيل : كيف يكون الحركة المتقدمة علة للمتأخرة والوضع السابق علة للوضع اللاحق ، والعلة يجب أن يكون مع معلولها ، والحركة المتقدمة