قاعدة
في أن الله سبحانه فاعل لما سواه وموجد لما عداه على أربعة أنحاء
: الأول ، الإبداع وهو إيجاده لأفعال تولاها بذاته ، وهي الإبداعيات. ومعنى الإبداع هو إيجاد الشيء عن العدم ، أي إيجاده لا من شيء ، لست أقول من لا شيء وإليه أشار بقوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وقوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ ...). والثاني التكوين ، وهو إيجاد أفعال استعبد فيها ملائكته وسماها قوم : التكوينيات. والثالث ، التدبير وهو إخراج الشيء من النقص إلى الكمال إخراجا غير محسوس ، وهو معنى الربوبية ، كقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وقوله : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وبذلك وصف الله تعالى ملائكته بقوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً). فالمقسمات وهم ثلاثة أضرب : ضرب إليهم القيام بالأجرام السماوية ، وقيل هم إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورضوان والمحتفون بالعرش الموصوفون بقوله : (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) وقوله : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) وضرب إليهم تدبير الأركان الهوائية ، كالملائكة الباعثة للرياح والموجبة للسحاب الموصوفين بقوله (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) وكما وصفه النبي صلىاللهعليهوآله في صفة الجنين «إنه تعالى يبعث ملكا فينفخ فيه الروح» وكالحفظة كما في قوله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) وقوله : (يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ...) إلى قوله : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ). والرابع ، التسخير ، وهي أفعال سخر الله تعالى لها موجودات هذا العالم ، كالإضاءة للشمس والإنارة للقمر والإحراق والإذابة للنار والترطيب للماء ، وبالجملة ما سخر الله له شيئا من الأجسام كالأفلاك والعناصر والجمادات والنباتات وغير ذلك. ونبه عليه بقوله (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) وقوله :