قاعدة
في عالم أمره تعالى.
أول الصوادر عن ذاته تعالى بذاته يجب أن يكون أشرف الممكنات وأفضل المفطورات وأكرم المربوبات ، وهي الصور المجردة الإلهية والأنوار المفارقة العقلية دون شيء من الجواهر الجسمانية وطبائعها وقواها التي هي من عالم الظلمات ومعدن الشياطين والشرور والآفات ، فإن الواهب الحق والجواد المطلق لا يترك الأشرف ويفعل الأخس ، بل يجب أن يصدر من فيض جوده الأشرف فالأشرف إلى أن ينتهي إلى الأخس فالأخس ، فما من شيء من الممكنات سواء كانت شريفا أو خسيسا ، عاليا أو دنيا ، روحانيا أو جسمانيا إلا ويجب أن يسع إليه رحمته ولا يقصر رداء جوده وكرمه أن يشمله ، إذ لا منع في فاعليته ولا راد لقضائه ولا قصور في إحسانه ولا دافع لأمره ، لكن يجب في قضية البرهان أن يصدر عنه الأشياء على حسن الترتيب والنظام وجودة الهيئة والتمام على حسب توسيط وسائط في جوده ووسائل لكرمه وفيض وجوده ، عبر عنها تارة بالملكوت لقوله : (وَكَذلِكَ ، نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) وتارة باليمين المقدس (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) وتارة باليد المبسوطة المنسوبة إليه تعالى (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) ، ، (قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ، بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ ، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) وتارة بالأعين الإلهية (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) وتارة بمفاتيح الغيب (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) وتارة بالخزائن لاختزان الصور العلمية فيها (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) وتارة باسمه تعالى (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) ، (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) وتارة بجنود الرب (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) لأنها مرتفعة الذوات عن أن يحيط به إدراك الجن والإنس ولذلك قال (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) وإليهم الإشارة بقوله : (وَما لا تُبْصِرُونَ).
والعقل الأول أول ما ينفتح به باب الفيض والإبداع ، ونسبته إلى سائر الجواهر الروحانية نسبة آدم إلى أولاده. وقال النبي صلىاللهعليهوآله :