الطرف الثاني
في أفعاله سبحانه وكيفية صدورها عنه ورجوعها
إليه تعالى وفيه مشاهد :
المشهد الأول
في حدوث هذا العالم وكون وجوده ووجود كل ما فيه
مسبوقا بالعدم الزماني
اعلم أن الحادث بعد ما لم يكن لا بد له من مرجح لاستحالة حدوث شيء لا عن سبب ، وذلك المرجح لا بد أن يكون حادثا كله أو شيء من تمامه وإلا لدام الترجيح فدام الأثر ، فلم يكن حادثا ، وقد فرض حادثا ، هذا خلف. ثم نعود الكلام إلى مرجح المرجح فإما أن يتسلسل علل حادثة مجتمعة لا إلى نهاية ، وهو باطل لما علمت أن الباري جل اسمه مبدأ سلسلة الممكنات كلها ، وهو أزلي غير حادث ، أو يكون أسبابا متعاقبة كل منها سبب للاحقه ، وهذا هو المتعين عند جمهور الفلاسفة ، وهذا لا يمكن تصحيحه إلا بأن يكون قبل كل حادث أمور نحو وجودها الحدوث والتجدد والانقضاء. ولا يكفي في ذلك نفس الحركة العرضية.
أما أولا ، فلأن الحركة أمر عقلي لا وجود لها في الخارج ، وما لا وجود له لا يصير سببا من أسباب وجود الشيء الحادث.
وأما ثانيا ، فلأن وجود الأعراض بعد وجود الجواهر ، فإذا كان جواهر ، العالم ثابتة في ذاتها ، مستقرة في أنفسها فمن أين تحدث صفة متجدد بها يتخصص حدوث حادث فإذن لا بد أن يكون من جملة الجواهر الموجودة جوهر سيال