وهذا الصعق هو نهاية الأجل المسمى عنده وهو الأجل الروحاني الذي بدؤه قبل الأجسام بألفي عام ، ونهايته هذا الصعق المشار إليه ، ثم يجيء هذا الصعق بالنفخة الثانية بمزيد اقتضاء التجلي الأكمل في المظهر الأعظم للأسماء الإلهية الباطنية التي نبه عليها بقوله صلىاللهعليهوآله «فأحمده بمحامد لا أعرفه الآن». فعن التجلي الأعظم ، ظهر المظهر الأعظم ، ومن المظهر الأعظم ظهرت الأسماء الباطنة ، وعن ظهور الأسماء الباطنة اتسع العرش ولاتساع العرش تضاعفت الحملة فصارت ثمانية ، لقوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ (فَوْقَهُمْ) يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) وعن تضاعفها بدلت السماء غير السماء والأرض غير الأرض لقوله : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) فتوسعت دائرة دار الآخرة ، وعن توسيعها أنشئ الإنسان إنشاء الآخرة الروحانية ، فكانت الروح هي المشهودة المباشرة للأحكام والمؤثرة للآثار ، والنفس والجسم من لوازمها وآثارها ، والإمدادات من الله صارت متصلة بهما بواسطة الروح ، ودخل المؤمن الجنة على الخلق القوي وعلى أحسن تقويم ، فهذا ما جرى على لسان القلم ، وإن لم يكن مناسبا لطور أهل البحث عصمنا الله عن جحود المنكرين وعناد المستكبرين والله الهادي إلى سبيل أهل اليقين وبه الاستعاذة من شر الشياطين وجنود إبليس أجمعين.
حكمة إيمانية وحجة قرآنية
الكتب الإلهية والآيات الكلامية قائلة بأن العالم بأسره حادث زماني ، لأن الغرض من خلق العالم ليس نفسه بل هو أشرف منه ، فإن الطبائع الجسمانية وما في حكمها لا يمكن أن يكون هي الغاية الأقصى في الوجود ، بل البرهان الحكمي ناهض على أن للطبائع غايات أخرى هي أعلى منها ، وكلما هو أعلى من الطبيعة الكونية لا يكون وجوده في هذا العالم بل في عالم آخر. فثبت بالبرهان أن هذا العالم بأسره واقع تحت الفساد ويلحقه العدم والانقراض ، وما يلحقه العدم والانقراض فهو حادث زماني لا محالة ، فالعالم