المشهد الثاني
في تحقيق الانقراض والنهاية وإثبات الغاية كالبداية للدنيا وما فيها ، وبروز الكل إلى الله وخروجها من مكامن هوياتها عند انكشاف أستارها ، وارتفاع حجبها وبقاء ما عند الله في علم الله من الحقائق المتأصلة والأسماء الإلهية والأضواء القيومية.
يجب عليك أن تعلم أولا ، أن كل هوية عينية سواء كانت واجبة أو ممكنة ، لا بد لها من لوازم عقلية تابعة لذاته من غير جعل وتأثير ، وأقلها الشيئية والمعلومية والموجودية والإمكان العام وغير ذلك ، سيما الهوية الإلهية التي هي أصل الهويات ومنبع الإنيات والماهيات ، فإذا الذات الإلهية لها أشعة وأنوار عقلية ولوازم وآثار ، كيف والوجود كله من شروق نوره وآيات ظهوره ، وتلك الأشعة والأنوار سماها جمهور الفلاسفة بالعقول الفعالة ، والمشاءون أتباع أرسطو سموها بالصور العلمية ، وأفلاطونيون بالمثل النورية ، والصوفية بالأسماء الإلهية ، وجمهور المتكلمين ذهبوا بالصفات الزائدة ، والمعتزلة قالوا بالأحوال كما قالوا بثبوت المعدومات الخارجية ، وتلك الأشعة الإلهية كيف يفارق أصلها ومنبعها ، أو يكون أشياء مباينة الوجود مستقلة الذوات ، وإلا لم تكن أشعة فهي ليست من جملة العالم ومما سوى الله ، وإنما هي الدرجات الإلهية والحجب النورية والسرادقات القدسية ، باقية ببقاء الله لا بإبقائه ، موجودة بوجود الله لا بوجود أنفسهم ولا بإيجاده ، إذ لا جعل ولا تأثير بين الذات والشئون الإلهية.