مع منع الحق ، وردّ السائل ، وليس اليسار مما يمدح به مدحا حقيقيا ؛ ألا ترى كيف يقول أشجع السّلمى (١) :
يريد الملوك مدى جعفر |
|
ولا يصنعون كما يصنع |
وليس بأوسعهم فى الغنى |
|
ولكنّ معروفة أوسع |
ومن عيوب المدح قول أيمن بن خريم أيضا فى بشر بن مروان (٢) :
فإن أعطاك (٣) بشر ألف ألف |
|
رأى حقّا عليه أن يزيدا |
وأعقب مدحتى سرجا خلنجا |
|
وأبيض جوزجانيّا عنودا (٤) |
وإنّا قد رأينا أمّ بشر |
|
كأمّ الأسد مذكارا ولودا |
جميع هذا الكلام جار على غير الصواب ، إلّا فى ابتداء وصفه فى التناهى فى الجود ، ثم انحطّ إلى مالا يقع مع الأول موقعا وهو السّرج وغيره. وأتى فى البيت الثالث بما هو أقرب إلى الذّم منه إلى المدح ، وهو قوله :
وإنا قد رأينا أمّ بشر |
|
كأمّ الأسد مذكارا ولودا |
لأنّ الناس مجمعون على أنّ نتاج الحيوانات الكريمة أعسر وأولادها أقلّ. كما قال الأول (٥) :
بغاث الطّير أكثرها فراخا |
|
وأمّ الصّقر مقلات (٦) نزور |
ومن عيوب المدح قول بعضهم ـ هو عبيد الله بن الحويرث ـ لبشر بن مروان :
إنّى رحلت إلى عمرو لأعرفه |
|
إذ قيل بشر ولم أعدل به نشبا |
فنكّر الممدوح وسلبه النباهة ؛ وكان ينبغى أن يقول : ليعرفنى.
__________________
(١) نقد الشعر : ١١٢ ، الموشح : ٢٢٢
(٢) نقد الشعر : ١١٢ ، الموشح : ٢٢٢
(٣) فى نقد الشعر : «فلو أعطاك» ، وفى الموشح : «لو أعطاك».
(٤) كذا فى الأصول ، والذى فى نقد الشعر والموشح «عقودا». والخلنج : كل مخطوط بألوان وأشكال.
(٥) نقد الشعر : ١١٢ ، الموشح : ٢٢٣
(٦) المقلات : ناقة تضع واحدا ، ثم لا تحمل ، وامرأة لا يعيش لها ولد.