فذكر الرأس مع الصّداع فضل ، لأنّ الصداع لا يكون فى الرّجل ولا فى غيرها من الأعضاء. وفيه وجه آخر من العيب ؛ وهو أن الذّاكر لما قد فات من محبوب يوصف بألم القلب واحتراقه لا بالصّداع.
وقول أوس بن حجر (١) :
وهم لمقلّ المال أولاد علّة |
|
وإن كان محضا فى العمومة مخولا |
فقوله : «المال» مع المقلّ فضل.
وقول عبد الرحمن بن عبد الله الخزرجى (٢) :
قيدت فقد لان حاذاها (٣) وحاركها |
|
والقلب منها مطار القلب مذعور (٤) |
فما سمعنا بأعجب من قوله : فالقلب منها مطار القلب.
وقول الآخر : (٥)
ألا حبّذا هند وأرض بها هند |
|
وهند أتى من دونها النّأى والبعد |
فقوله : «النّأى» مع «البعد» فضل ، وإن كان قد جاء من هذا الجنس فى كلامهم كثير ، والبيت فى نفسه بارد.
ومن عيوب اللفظ ارتكاب الضرورات فيه كما قال المتلمس (٦) :
إن تسلكى سبل الموماة منجدة |
|
ما عاش عمر وما عمّرت قابوس (٧) |
__________________
(١) الموشح : ٩٠.
(٢) الموشح : ٩٠
(٣) فى الموشح : وقد لان هاديها.
الحاذان : ما وقع عليه الذنب من الفخذين. والحارك : أعلى الكاهل. وقيل : هو منبت أدنى العرف إلى الظهر الذى يأخذ به الفارس إذا ركب. وقيل : هو عظم مشرف من جانبى الكاهل.
(٤) فى الموشح : مطار القلب محذور
(٥) الموشح : ٩١ ، ونسبه إلى الحطيئة فيه.
(٦) الموشح : ٩١ ، ومعجم ما استعجم ١ : ٢٨٤.
(٧) الموماة : المفازة ، وقيل :
التى لا ماء فيها ولا أنيس. وعمرو ، وقابوس : هما ابنا المنذر بن ماء السماء. والبيت فى معجم ما استعجم : ١ ـ ٢٨٤ :
لن تسلكى سبل البوباة منجدة |
|
ما عشت عمرو وما عمرت قابوس |
وقال : البوباة ثنية فى طريق نجد ينحدر منها راكبها إلى العراق.