ومن الخطأ قوله (١) :
ورحب صدر لو انّ الأرض واسعة |
|
كوسعه لم يضق عن أهله بلد |
وذلك أنّ البلدان التى تضيق بأهلها لم تضق بأهلها لضيق الأرض ، ومن اختطّ البلدان لم يختطّها على قدر ضيق الأرض وسعتها ؛ وإنما اختطّت على حسب الاتّفاق ؛ ولعل المسكون منها لا يكون جزءا من ألف جزء ؛ فلأى معنى تصييره ضيق البلدان الضيقة من أجل ضيق الأرض. والصواب أن يقول : ورحب صدر لو أن الأرض واسعة كوسعه لم يسعها الفلك ؛ أو لضاقت عنها السماء ؛ أو يقول : لو أن سعة كلّ بلد كسعة صدره لم يضق عن أهله بلد.
والجيّد فى هذا المعنى قول البحترى (٢) :
مفازة صدر لو تطرّق لم يكن |
|
ليسلكها فردا سليك المقانب (٣) |
أى لم يكن ليسلكها إلّا بدليل لسعتها ؛ على أن قوله «مفازة صدر» استعارة بعيدة.
ومن الخطأ قول أبى تمام (٤) :
سأحمد نصرا (٥) ما حييت وإنّنى |
|
لأعلم أن قد جلّ نصر عن الحمد |
وقد رفع الممدوح عن الحمد الذى رضيه الله جل وعزّ لنفسه ، وندب عباده لذكره ونسبه إليه ، وافتتح به كتابه. وقد قال الأول : الزيادة فى الحدّ نقصان ، ولم نعرف أحدا رفع أحدا عن الحمد ، ولا من استقلّ الحمد للممدوح.
قال زهير بن أبى سلمى (٦) :
متصرّف للحمد معترف |
|
للرزء نهّاض إلى الذكر |
وقال الأعشى (٧) :
__________________
(١) ديوان أبى تمام : ٩٧.
(٢) ديوانه : ٧٣.
(٣) المقانب : واحده مقنب بالكسر جماعة الخيل والفرسان.
(٤) ديوانه : ١١٦.
(٥) هو نصر بن منصور بن بسام الممدوح
(٦) ديوانه : ٩٣ ، الموازنة : ٩١.
(٧) الموازنة : ٩٢.