فهذا البيت يصوّر لك هرولة الرجالة ، ووفاضها فى آباطها تتقعقع.
وإفاض جمع وفضة وهى الجعبة. وقول يزيد بن عمرو الطائى :
ألا من رأى قومى كأنّ رجالهم |
|
نخيل أتاها عاضد فأمالها |
فهذا التشبيه كأنه يصوّر لك القتلى مصروعين.
وقال العتابى فى السحاب :
والغيم كالثوب فى الآفاق منتشر |
|
من فوقه طبق من تحته طبق |
تظنه مصمتا لا فتق فيه فإن |
|
سالت عزاليه قلت الثوب منفتق |
إن معمع الرّعد فيه قلت منخرق |
|
أو لألأ البرق فيه قلت محترق |
وينبغى أن يكون التشبيب دالّا على شدة الصبابة ، وإفراط الوجد ، والتهالك فى الصبوة ، ويكون بريّا من دلائل الخشونة والجلادة ، وأمارات الإباء والعزّة. ومن أمثلة ذلك قول أبى الشيص (١) :
وقف الهوى بى حيث أنت فليس لى |
|
متأخّر عنه ولا متقدّم |
أجد الملامة فى هواك لذيذة |
|
حبّا لذكرك فليلمنى اللّوّم |
أشبهت أعدائى فصرت أحبّهم |
|
إذ كان حظّى منك حظّى منهم |
وأهنتنى فأهنت نفسى صاغرا |
|
ما من يهون عليك ممّن أكرم |
فهذا غاية التهالك فى الحب ، ونهاية الطاعة للمحبوب.
ويستجاد التشبيب أيضا إذا تضمّن ذكر التشوق والتذكّر لمعاهد الأحبة ، بهبوب الرياح ، ولمع البروق ، وما يجرى مجراهما من ذكر الدّيار والآثار.
__________________
(١) العقد الفريد ٥ : ٣٧٤