أطرافه ، ولا تتنافر أطراره (١) ، وتكون الكلمة منه موضوعة مع أختها ، ومقرونة بلفقها ؛ فإنّ تنافر الألفاظ من أكبر عيوب الكلام ؛ ولا يكون ما بين ذلك حشو يستغنى عنه ويتم الكلام دونه.
ومثال ذلك من الكلام المتلائم الأجزاء ، غير المتنافر الأطرار قول أخت عمرو ذى الكلب :
فأقسم يا عمرو لو نبّهاك |
|
إذا نبّها منك داء عضالا |
إذا نبّها ليث عرّيسة (٢) |
|
مفيتا مفيدا نفوسا ومالا |
وخرق تجاوزت مجهوله |
|
بوجناء حرف تشكّى الكلالا (٣) |
فكنت النهار به شمسه |
|
وكنت دجى اللّيل فيه الهلالا |
فجعلته الشمس بالنهار ، والهلال بالليل. وقالت : مفيتا مفيدا ، ثم فسرت فقالت : نفوسا ومالا.
وقال الآخر :
وفى أربع منّى حلت منك أربع |
|
فما أنا دار أيّها هاج لى كربى |
أوجهك فى عينى أم الرّيق فى فمى |
|
أم النطق فى سمعى أم الحبّ فى قلبى |
وأخبرنى أبو أحمد ، قال : كنت أنا وجماعة من أحداث بغداد ممّن يتعاطى الأدب نختلف إلى مدرك نتعلّم منه علم الشعر ، فقال لنا يوما : إذا وضعتم الكلمة مع لفقها كنتم شعراء ، ثم قال : أجيزوا هذا البيت :
ألا إنّما الدنيا متاع غرور
فأجازه كلّ واحد من الجماعة بشىء فلم يرضه ، فقلت :
وإن عظمت فى أنفس وصدور
فقال : هذا هو الجيّد المختار.
__________________
(١) أطرافه.
(٢) كذا فى ب ، والعريسة : مأوى الأسد والضبع وغيرهما ، وفى ط «عرينة» تصحيف.
(٣) : الخرق : الأرض البعيدة. والفلاة : الواسعة. والوجناء : الناقة الشديدة. والحرف من الإبل : النجيبة الماضية.