وأخبرنا أبو أحمد الشطنى ، قال : حدّثنا أبو العباس بن عربى ، قال : حدثنا حماد عن يزيد بن جبلة ، قال : دفن مسلمة رجلا من أهله ، وقال :
نروح ونغدو كلّ يوم وليلة
ثم قال لبعضهم : أجز ، فقال :
فحتّى متى هذا الرواح مع الغدو
فقال مسلمة : لم تصنع شيئا. فقال آخر :
فيا لك مغدى مرة ورواحا
فقال : لم تصنع شيئا. فقال لآخر : أجز أنت ، فقال :
وعمّا قليل لا نروح ولا نغدو
فقال : الآن تمّ البيت.
ومما لم يوضع [فيه] الشىء مع لفقه من أشعار المتقدمين قول طرفة (١) :
ولست بحلّال التّلاع مخافة |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٢) |
فالمصراع الثانى غير مشاكل الصورة للمصراع الأول ، وإن كان المعنى صحيحا ؛ لأنه أراد : ولست بحلّال التّلاع مخافة السّؤّال ، ولكنّى أنزل الأمكنة المرتفعة ، لينتابونى فأرفدهم ، وهذا وجه الكلام ؛ فلم يعبّر عنه تعبيرا صحيحا ، ولكنه خلطه وحذف منه حذفا كثيرا فصار كالمتنافر ؛ وأدواء الكلام كثيرة.
وهكذا قول الأعشى (٣) :
وإنّ امرأ أسرى إليك ودونه |
|
سهوب وموماة وبيداء سملق (٤) |
لمحقوقة أن تستجيبى لصوته |
|
وأن تعلمى أنّ المعان موفّق |
__________________
(١) الموشح : ٥٤.
(٢) التلاع : جمع تلعة ، وهى ما ارتفع من الأرض وما انهبط أيضا.
(٣) الموشح : ٥٤ ، ورواية البيت الأول فيه :
وإن امرأ أهداك بينى وبينه |
|
فياف تنوفات وبهماء خيفق |
وفلاة خيفق : واسعة.
(٤) السهوب : الأرض الواسعة. والسملق : القاع المستوى الأملس ، وقيل : القفر الذى لا شجر فيه.