قوله : «وأن تعلمى أنّ المعان موفّق» غير مشاكل لما قبله.
وهكذا قول عنترة (١) :
حرق الجناح كأنّ لحيى رأسه |
|
جلمان بالأخبار هشّ مولع (٢) |
إنّ الذين نعبت لى بفراقهم |
|
هم أسلموا ليلى التمام وأوجعوا (٣) |
ليس قوله «بالأخبار هشّ مولع» فى شيء من صفة جناحه ولحييه.
وقول السموأل (٤) :
فنحن كماء المزن ما فى نصابنا |
|
كهام ولا فينا يعدّ بخيل (٥) |
ليس فى قوله : «ما فى نصابنا كهام». من قوله : «فنحن كماء المزن» فى شيء ؛ إذ ليس بين ماء المزن والنصاب والكهوم مقاربة ، ولو قال : ونحن ليوث الحرب ، أو أولو الصرامة والنّجدة ما فى نصابنا كهام لكان الكلام مستويا. أو نحن كماء المزن صفاء أخلاق وبذل أكفّ لكان جيدا.
وجعل بعض الأدباء من هذا الجنس قول امرئ القيس (٦) :
كأنّى لم أركب جوادا للذّة |
|
ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال |
ولم أسبا الزّقّ الرّوىّ ولم أقل |
|
لخيلى كرّى كرّة بعد إجفال |
قالوا : فلو وضع مصراع كل بيت من هذين البيتين فى موضع الآخر لكان أحسن (٧) وأدخل فى استواء النّسج ؛ فكان يروى :
كأنّى لم أركب جوادا ولم أقل |
|
لخيلى كرّى كرّة بعد إجفال |
ولم أسبإ الزّقّ الرّوىّ للذّة |
|
ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال |
__________________
(١) ديوانه : ٨٨ ، واللسان ـ مادة حرق.
(٢) الحرق فى الجناح : قصر ريشه. والجلمان : المقراضان واحدهما جلم.
(٣) فى الديوان : قد أسهروا ليلى التمام فأوجعوا.
(٤) شعراء اليهود : ٢٦ ، نقد الشعر : ١١٥.
(٥) الكهام : من كهم الرجل كهامة إذا ضعف وجبن عن الإقدام ، أى ليس فينا رجل ضعيف.
(٦) الموشح : ٣٤ ، وديوانه : ٥٨.
(٧) عبارة الموشح : لكان أشكل.