فكمّلت مائة فيها حمامتها |
|
وأسرعت حسبة فى ذلك العدد |
فحسبوه فألفوه كما حسبت |
|
تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد |
فهذا أجود ما يذكر فى هذا الباب ، وأصعب ما رامه شاعر منه ؛ لأنه عمد إلى حساب دقيق ، فأورده مشروحا ملخّصا ، وحكاه حكاية صادقة. ولمّا احتاج إلى أن يذكر العدد والزيادة والثّمد بنى الكلام على قافية فاصلة الدال فسهل عليه طريقه ، واطّرد سبيله.
ومثل ذلك ما أتاه البحترى فى القصيدة التى أولها (١) :
هاج الخيال (٢) لنا ذكرى إذا طافا |
|
وافى يخادعنا والصبح قد وافى |
وكان قد احتاج إلى ذكر الآلاف ، والإسعاف ، والأضعاف ، والإسراف ، وترك الاقتصار على الأنصاف ؛ فجعل القصيدة فائية ؛ فاستوى له مراده وقرب عليه مرامه ، وهو قوله (٣) :
قضيت عنى ابن بسطام صنيعته |
|
عندى وضاعفت ما أولاه أضعافا |
وكان معروفه قصدا إلىّ (٤) وما |
|
جازيته عنه تبذيرا وإسرافا |
مئون عينا تولّيت الثّواب بها |
|
حتى انثنت لأبى العباس آلافا |
قد كان يكفيه ممّا قدّمت يده |
|
ربّا (٥) يزيد على الآحاد أنصافا |
ولا ينبغى أن يكون لفظك وحشيا بدويا ، وكذلك لا يصلح أن يكون مبتذلا سوقيا.
أخبرنا أبو أحمد عن مبرمان عن أبى جعفر بن القتبى عن أبيه ، قال ، قال خلف الأحمر : قال شيخ من أهل الكوفة : أما عجبت أن الشاعر قال : «أنبت قيصوما
__________________
(١) ديوانه : ١٠٦.
(٢) فى الديوان : يهدى الخيال.
(٣) ديوانه : ١٠٧.
(٤) فى الديوان : لدىّ.
(٥) فى ط : وما.