وجثجاثا» (١) فاحتمل ، وقلت أنا : أنبت إجّاصا وتفاحا ـ فلم يحتمل.
والمختار من الكلام ما كان سهلا جزلا لا يشوبه شيء من كلام العامة وألفاظ الحشويّة ، وما لم يخالف فيه وجه الاستعمال ؛ ألا ترى إلى قول المتنبى (٢) :
أين البطاريق والحلف الّذى حلفوا |
|
بمفرق الملك والزّعم الّذى زعموا |
هذا قبيح جدّا ، وإنما سمع قول العامّة حلف برأسه ، فأراد أن يقول مثله ؛ فلم يستوله ، فقال : بمفرق الملك ، ولو جاز هذا لجاز أن يقول : حلف بيافوخ أبيه ، وبقمحدوة (٣) سيّده.
وقبح هذا يدلّ على أنّ أمثاله غير جائز فى جميع المواضع ، وهذا النوع فى شعر المتنبى كبعد الاستعارة فى شعر أبى تمام.
ومن الألفاظ ما يستعمل رباعيّة وخماسيّه دون ثلاثيّه ، ومنها ما هو بخلاف ذلك ، فينبغى ألّا تعدل عن جهة الاستعمال فيها ، ولا يغرّك أن أصولها مستعملة ؛ فالخروج عن الطريقة المشهورة والنّهج المسلوك رديء على كل حال. ألا ترى أنّ الناس يستعملون «التعاطى» فيكون منهم مقبولا ، ولو استعملوا «العطو» وهو أصل هذه الكلمة وهو ثلاثىّ ، والثلاثيّ أكثر استعمالا ، لما كان مقبولا ولا حسنا مرضيا ؛ فقس على هذا.
ومن الألفاظ ما إذا وقع نكرة قبح موضعه وحسن إذا وقع معرفة ، مثل قول بعضهم :
لمّا التقينا صاح بين بيننا |
|
يدنى من القرب البعاد لحاقا |
فقوله : «صاح بين بيننا» متكلّف جدا. فلو قال : «البين» كان أقرب ؛ على أنّ البيت كلّه رديء ، ليس من وصف البلغاء.
__________________
(١) القيصوم : نبات زهره مرجدا. والجثجاث : نبات مر.
(٢) ديوانه : ٤ ـ ١٦.
(٣) الهنة الناشزة فوق القفا وأعلى القذال خلف الأذنين ، ومؤخر القذال.