وينبغى أن تجتنب ارتكاب الضرورات وإن جاءت فيها رخصة من أهل العربية ، فإنها قبيحة تشين الكلام وتذهب بمائه ؛ وإنما استعملها القدماء فى أشعارهم لعدم علمهم بقباحتها (١) ، ولأنّ بعضهم كان صاحب بداية ، والبداية مزلة ، وما كان أيضا تنقد عليهم أشعارهم ، ولو قد نقدت وبهرج منها المعيب كما تنقد على شعراء هذه الأزمنة ويبهرج من كلامهم ما فيه أدنى عيب لتجنّبوها ، وهو كقول الشاعر :
له زجل كأنّه صوت حاد |
|
إذا طلب الوسيقة أو زمير |
فلم يشبع.
وقول الآخر :
ألم يأتيك والأنباء تنمى |
|
بما لاقت لبون بنى زياد |
فقال : «ألم يأتيك» ، فلم يجزم.
وقال ابن قيس الرقيات :
لا بارك الله فى الغوانى هل |
|
يصبحن إلّا لهنّ مطّلب |
فحرّك حرف العلة.
وقال قعنب بن أمّ صاحب (٢) :
مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقى |
|
إنّى أجود لأقوام وإن ضننوا |
فأظهر التضعيف.
ومثله قول العجاج (٣) :
تشكو الوجى من أظلل وأظلل (٤)
__________________
(١) فى ب «بقبائحها» وفى ط : لعلمهم كان بقباحتها.
(٢) ديوان المختار من شعر العرب :
٨ ، واللسان ـ مادة ظل.
(٣) اللسان ـ مادة ظل.
(٤) الوجى : الحفا.
والأظل : ما تحت منسم البعير ، وتكملة البيت :
من طول إملال وظهر أملل