إلى ملك لا تنصف الساق نعله |
|
أجل لا وإن كانت طوالا محامله (١) |
وقال قدامة : لا أعرف المعاظلة إلا فاحش الاستعارة ؛ مثل قول أوس (٢) :
وذات هدم عار نواشرها |
|
تصمت بالماء تولبا جدعا (٣) |
فسمى الصبى تولبا ؛ والتّولب : ولد الحمار.
وقول الآخر (٤) :
وما رقد الولدان حتى رأيته |
|
على البكر يمريه بساق وحافر (٥) |
فسمّى قدم الإنسان حافرا. وهذا غلط من قدامة كبير ؛ لأنّ المعاظلة فى أصل الكلام إنما هى ركوب الشىء بعضه بعضا ؛ وسمى الكلام به إذا لم ينضد نضدا مستويا ، وأركب بعض ألفاظه رقاب بعض ، وتداخلت أجزاؤه ، تشبيها بتعاظل الكلاب والجراد ، على ما ذكرناه ؛ وتسمية القدم بحافر ليست بمداخلة كلام فى كلام ؛ وإنما هو بعد فى الاستعارة.
والدليل على ما قلنا أنك لا ترى فى شعر زهير شيئا من هذا الجنس ، ويوجد فى أكثر شعر الفحول نحو (٦) ما نفاه عنه عمر رضى الله عنه وحده ؛ فمما وجد منه فى شعر النابغة قوله (٧) :
__________________
(١) هذه رواية اللسان قال : ويروى حمائله ، وفى ديوان ذى الرمة : ترى سيفه. وصفه بالطول.
(٢) اللسان ـ مادة هدم ، ونقد الشعر : ٦١ ، والموشح : ٦٣ ، وهو أوس بن حجر.
(٣) الهدم ، بالكسر : الكساء الذى ضوعفت رقاعه وخص ابن الأعرابى به الكساء البالى من الصوف. والنواشر : عصب الذراع من داخل وخارج ، وقيل : هى العصب التى فى ظاهرها. وقال فى اللسان : ذات بالرفع ، لأنه معطوف على فاعل قبله وهو :
ليبكك الشرب والمدامة وال |
|
فتيان طرا وطامع طمعا |
(٤) الموشح : ٦٤ ، واللسان ـ مادة حفر.
(٥) البكر : الفتى من الإبل. يمريه ـ من مريت الفرس : إذا استخرجت ما عنده من الجرى. والبيت لجبيها الأسدى يصف ضيفا طارقا أسرع إليه ـ كما فى اللسان ـ وقبله :
فأنصر نارى وهى شقراء أوقدت |
|
بليل فلاحت للعيون النواظر |
(٦) فى الأصول : فنحو
(٧) ديوانه : ٦٢.