والكلام إذا خرج فى غير تكلّف وكد وشدّة تفكر وتعمّل كان سلسا سهلا ، وكان له ماء ورواء ورقراق ، وعليه فرند (١) لا يكون على غيره مما عسر بروزه واستكره خروجه ؛ وذلك مثل قول الحطيئة (٢) :
هم القوم الذين إذا ألمّت |
|
من الأيام مظلمة أضاءوا |
وقوله :
لهم فى بنى الحاجات أيد كأنّها |
|
تساقط ماء المزن فى البلد القفر |
وكقول أشجع :
قصر عليه تحية وسلام |
|
نشرت عليه جمالها الأيّام |
وإذا سيوفك صافحت هام العدا |
|
طارت لهنّ عن الفراخ الهام |
برقت سماؤك للعدوّ فأمطرت |
|
هاما لها ظلّ السيوف غمام |
رأى الإمام وعزمه وحسامه |
|
جند وراء المسلمين قيام |
وكقول النمر :
خاطر بنفسك كى تصيب غنيمة |
|
إنّ الجلوس مع العيال قبيح |
فالمال فيه تجلّة ومهابة |
|
والفقر فيه مذلة وقبوح (٣) |
وكقول الآخر :
نامت جدودهم وأسقط نجمهم |
|
والنجم يسقط والجدود تنام |
وكقول الآخر :
لعن الإله تعلّة بن مسافر |
|
لعنا يشنّ عليه من قدّام |
ففى هذه الأبيات مع جودتها رونق ليس فى غيرها مما يجرى مجراها فى صحة المعنى وصواب اللفظ.
__________________
(١) الفرند : وشى السيف.
(٢) المختار من ديوان العرب : ١٢٢.
(٣) القبوح : مصدر كالقبح : ضد الحسن.