الباب الخامس
فى ذكر الإيجاز والإطناب (فصلان)
الفصل الأول
من الباب الخامس فى ذكر الإيجاز
الإيجاز |
قال أصحاب الإيجاز : الإيجاز قصور البلاغة على الحقيقة ، وما تجاوز مقدار الحاجة فهو فضل داخل فى باب الهذر والخطل ، وهما من أعظم أدواء الكلام ، وفيهما دلالة على بلادة صاحب الصناعة.
تفضيل الإيجاز |
وفى تفضيل الإيجاز يقول جعفر بن يحيى لكتّابه : إن قدرتم أن تجعلوا كتبكم توقيعات فافعلوا.
وقال بعضهم : الزيادة فى الحدّ نقصان. وقال محمد الأمين : عليكم بالإيجاز فإنّ له إفهاما ، وللإطالة استبهاما. وقال شبيب بن شبة : القليل الكافى خير من كثير غير شاف. وقال آخر : إذا طال الكلام عرضت له أسباب التكلّف ، ولا خير فى شيء يأتى به التكلّف. وقد قيل لبعضهم : ما البلاغة؟ فقال : الإيجاز. قيل : وما الإيجاز؟ قال : حذف الفضول ، وتقريب البعيد.
وسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا يقول لرجل : كفاك الله ما أهمّك. فقال : هذه البلاغة. وسمع آخر يقول : عصمك الله من المكاره. فقال : هذه البلاغة. وقوله صلىاللهعليهوسلم : أوتيت جوامع الكلم.
وقيل لبعضهم : لم لا تطيل الشّعر؟ فقال : حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق. وقيل ذلك لآخر ، فقال : لست أبيعه مذارعة.