عَلى بَعْضٍ) لا يوازى هذا الكلام فى الاختصار شيء. وقوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ). وقوله عزّ اسمه : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وإنما كان سوء عاقبة المكر والبغى راجعا عليهم وحائقا بهم ، فجعله للبغى والمكر اللّذين هما من فعلهم إيجازا واختصارا. وقوله سبحانه : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً».) وقوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ). وقوله تعالى : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) تحيّر فى فصاحته جميع البلغاء ، ولا يجوز أن يوجد مثله فى كلام البشر. وقوله تعالى : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ). وقوله تعالى : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) الآية .. تتضمّن مع الإيجاز والفصاحة دلائل القدرة. وقوله تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) كلمتان استوعبتا جميع الأشياء على غاية الاستقصاء. وروى أنّ ابن عمر رحمهالله قرأها ، فقال : من بقى له شيء فليطلبه. وقوله تعالى : (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) اختلاف اللغات والمناظر والهيئات. وقوله تعالى فى صفة خمر أهل الجنّة : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) انتظم قوله سبحانه (ولا ينزفون) عدم العقل وذهاب المال ونفاد الشراب. وقوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) دخل تحت الأمن جميع المحبوبات ؛ لأنه نفى به أن يخافوا شيئا أصلا من الفقر والموت وزوال النّعمة والجور ، وغير ذلك من أصناف المكاره ؛ فلا ترى كلمة أجمع من هذه.
وقوله عزوجل : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) جمع أنواع التّجارات ، وصنوف المرافق التى لا يبلغها العدّ والإحصاء. ومثله قوله سبحانه : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) جمع منافع الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) ثلاث كلمات تشتمل على أمر الرسالة وشرائعها وأحكامها على الاستقصاء ؛ لما فى قوله «فاصدع» من الدلالة على التأثير ، كتأثير الصدع.
وقوله تعالى : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) ثلاث كلمات اشتملت على عواقب الدنيا والآخرة.