وقال آخر : أولئك قوم جعلوا أموالهم مناديل لأعراضهم ؛ فالخير بهم زائد ، والمعروف لهم شاهد ؛ أى يقون أعراضهم بأموالهم.
وقيل لأعرابى يسوق مالا كثيرا : لمن هذا المال؟ فقال : لله فى يدى.
وقال أعرابى لرجل يمدحه : إنه ليعطى عطاء من يعلم أنّ الله مادته.
وقول آخر : أما بعد فعظ الناس بفعلك ، ولا تعظهم بقولك ، واستحى من الله بقدر قربه منك ، وخفه بقدر قدرته عليك.
وقال آخر : إن شككت فاسأل قلبك عن قلبى.
المساواة |
ومما يدخل فى هذا الباب المساواة ، وهو أن تكون المعانى بقدر الألفاظ ، والألفاظ بقدر المعانى لا يزيد بعضها على بعض ، وهو المذهب المتوسط بين الإيجاز والإطناب ؛ وإليه أشار القائل بقوله : كأنّ ألفاظه قوالب لمعانيه ؛ أى لا يزيد بعضها على بعض.
فما فى القرآن من ذلك قوله عزوجل : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ)(١). وقوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)(٢). ومثله كثير.
ومن كلام النبى صلىاللهعليهوسلم : «لا تزال أمتى بخير ما لم تر الأمانة مغنما والزكاة مغرما». وقوله صلىاللهعليهوسلم : «إياك والمشارّة فإنها تميت الغرّة وتحيى العرّة» (٣).
ومن ألفاظ هذه الفصول ما كانت معانيه أكثر من ألفاظه ، وإنما يكره تميزها كراهة الإطالة.
ومن نثر الكتّاب قول بعضهم : سألت عن خبرى وأنا فى عافية لا عيب فيها إلا فقدك ، ونعمة لا مزيد فيها إلا بك.
__________________
(١) مقصورات : أى محبوسات على أزواجهن.
(٢) قال فى اللسان عن الفراء (ودوا لو تدهن فيدهنون) بمعنى ودوا لو تكفر فيكفرون. وقيل : ودوا لو تصانعهم فى الدين فيصانعونك.
(٣) المشارة : المفاعلة من الشر أى لا تفعل به شرا فتحوجه إلى أن يفعل بك مثله. والغرة : الحسن والعمل الصالح. والعرة : القذر واستعير للمساويء والمثالب.