وقول الآخر :
إذا ما الغانيات برزن يوما |
|
وزجّجن الحواجب والعيونا |
العيون لا تزجّج ، وإنما أراد وكحّلن العيون.
ومنها (١) أن يأتى الكلام على أنّ له جوابا فيحذف الجواب اختصارا لعلم المخاطب ؛ كقوله عزوجل : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) أراد لكان هذا القرآن ، فحذف.
وقوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ، أراد لعذّبكم.
وقال الشاعر :
فأقسم لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد لك مدفعا |
أى لرددناه.
وقوله تعالى : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) ، فذكر أمة واحدة ولم يذكر بعدها أخرى ، وسواء يأتى من اثنين (٢) فما زاد.
وكذلك قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) ، ولم يذكر خلافه ، لأنّ فى قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) دليلا على ما أراد.
وقال الشاعر :
أراد فما أدرى أهمّ هممته |
|
وذو الهمّ قدما خاشع متضائل (٣) |
ولم يأت بالآخر.
وربما حذفوا الكلمة والكلمتين ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ
__________________
(١) من وجوه الحذف.
(٢) أى تدل على اثنين.
(٣) المتضائل : المنقبض ، والضئيل : النحيف.