فقال (١) :
بأنّك (٢) شمس والملوك كواكب |
|
إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب |
وسنشبع القول فى هذا الباب.
والحاذق يخفى دبيبه إلى المعنى يأخذه فى سترة فيحكم له بالسّبق إليه أكثر من يمرّ به.
وأحد أسباب إخفاء السّرق أن يأخذ معنى من نظم فيورده فى نثر ، أو من نثر فيورده فى نظم ، أو ينقل المعنى المستعمل فى صفة خمر فيجعله فى مديح ، أو فى مديح فينقله إلى وصف ؛ إلا أنه لا يكمل لهذا إلا المبرّز ، والكامل المقدّم ؛ فممن أخفى دبيبه إلى المعنى وستره غاية السّتر أبو نواس فى قوله (٣) :
أعطتك ريحانها العقار |
|
وحان من ليلك انسفار |
إن كان قد أخذه من قول الأعشى ، على ما حكوا ، فقد أخفاه غاية الإخفاء ؛ وقول الأعشى (٤) :
وسبيئة ممّا تعتّق بابل |
|
كدم الذبيح سلبتها جريالها (٥) |
سئل الأعشى عن «سلبتها جريالها». فقال : شربتها حمراء ، وبلها بيضاء.
فبقى حسن لونها فى بدنى. ومعنى : «أعطتك ريحانها العقار» ؛ أى شربتها فانتقل طيبها إليك.
وهكذا قوله (٦) :
لا ينزل الليل حيث حلّت |
|
فدهر شرّابها نهار |
من قول قيس بن الخطيم :
قضى الله حين صوّرها ال |
|
خالق ألّا تكنّها السّدف (٧) |
__________________
(١) ديوانه : ١٧.
(٢) فى الديوان : فإنك.
(٣) ديوانه : ٢٧٤.
(٤) اللسان ـ مادة جرل ، الشعر والشعراء : ٢١٦ ، المعرب ١٠٣.
(٥) السبيئة : الخمر. وجريالها : لونها.
(٦) ديوانه : ٢٧٤.
(٧) السدف : الظلمة.