فقسم تقسيما حسنا ؛ ومعناه أنّ الشمال تجيء من ناحية حبيبه إليه فأحبّها ، والجنوب تهبّ إلى الحبيب ، فحسدها لمباشرتها جسمه ؛ وهو مأخوذ من قول جران العود :
إذا هبّت الأرواح من نحو أرضكم |
|
وجدت لريّاها على كبدى بردا |
وزاد مسلم فى قوله أيضا :
ويغمد السيف بين النّحر والجيد
على أنّ السابق إلى هذا المعنى هو بعض الفرسان إذ يقول :
جعلت السيف بين اللّيت (١) منه |
|
وبين سواد لحييه عذارا |
لأن الإغماد فيه أشدّ تأثيرا من وضع العذار عليه.
وقد زاد أبو نواس على جرير فى قوله (٢) :
وقد أطول نجاد السّيف محتبيا |
|
مثل الرّدينىّ هزّته الأنابيب |
فقال أبو نواس (٣) :
سبط البنان إذا احتبى بنجاده |
|
غمر الجماجم والسّماط قيام (٤) |
قوله : «غمر الجماجم» أحسن من قول جرير : «مثل الرّدينى».
وهكذا قوله (٥) :
أشمّ طوال (٦) السّاعدين كأنّما |
|
يلاث (٧) نجادا سيفه بلواء |
__________________
(١) أدنى صفحتى العنق.
(٢) ديوانه : ٢٤.
(٣) ديوانه : ٦٤.
(٤) فى الديوان : فرع الجماجم ، ورجل سبط البنان : سخى.
(٥) ديوانه : ٦٣.
(٦) طوال : طويل.
(٧) لاث الشىء لوثا : أداره مرتين كما تدار العمامة. وفى الديوان : يناط ، وهو قريب من معنى الأول.