وأخبرنى أبو أحمد ، قال أخبرنى الصولى ، قال حدّثنى أبو بكر هارون بن عبد الله المهلبى ، قال : كنا فى حلقة دعبل ، فجرى ذكر أبى تمام ، فقال دعبل : كان يتتبّع معانىّ فيأخذها ، فقال له رجل فى مجلسه : ما من ذلك أعزّك الله؟ فقال : قلت (١) :
وإنّ امرأ أسدى إلىّ بشافع |
|
إليه ويرجو الشّكر منّى لأحمق |
شفيعك فاشكر فى الحوائج إنّه |
|
يصونك عن مكروهها وهو يخلق |
وقال هو ، يمدح يعقوب بن أبى ربعى (٢) :
إنّ الأمير بلاك فى أحواله |
|
فرآك أهزعه غداة نضاله (٣) |
فمتى أقوم (٤) بحقّ شكرك إذ جنت |
|
بالغيب كفّك لى ثمار نواله |
فلقيت بين يديك حلو عطائه |
|
ولقيت بين يدىّ مرّ سؤاله |
وإذا امرؤ أسدى إليك صنيعه |
|
من جاهه فكأنّها من ماله |
فقال الرجل : أحسن والله! فقال دعبل : كذبت قبّحك الله! قال : لئن كان سبق بهذا المعنى فتبعته لما أحسنت ، وإن كان أخذه منك لقد أجاد ، فصار أولى به منك! فغضب دعبل وقام.
وسمع بشّار قول المجنون (٥) :
ألا إنّما ليلى عصا خيزرانة |
|
إذا غمزوها بالأكفّ تلين |
فقال : والله لو جعلها عصا من زبد أو مخّ لما أحسن ؛ ألا قال كما قلت (٦) :
وحوراء المدامع (٧) من معدّ |
|
كأنّ حديثها قطع الجمان (٨) |
إذا قامت لسبحتها (٩) تثنّت |
|
كأنّ عظامها من خيزران |
__________________
(١) الموازنة : ٢٩.
(٢) ديوانه : ٢٤٠ ، الموازنة : ٢٩ ، وفى الديوان : وقال لإسحاق بن أبى ربعى.
(٣) الأهزع : السهم الأخير يخبأ للشدائد.
(٤) فى الديوان : فمتى النهوض.
(٥) الموشح : ١٥٦ ، المختار من شعر بشار : ٣٤.
(٦) الموشح : ١٦٥ ، المختار من شعر بشار : ٣٤.
(٧) فى الموشح : وبيضاء المحاجر.
(٨) فى الموشح : ثمر الجنان.
(٩) فى الموشح : لصحبتها ، وفى المختار : لمشيتها