وسمع بعض الكتاب قول أبى تمام (١) :
فإن يجد علة نغمّ بها |
|
حتى ترانا نعاد من مرضه (٢) |
فكتب : من نزل منزلتى من طاعتك ومشاركتك كان حقيقا أن يهنّأ بالنعمة تحدث عندك ، ويعزّى على النائبة تلمّ بك. فنقل العيادة إلى المصيبة والتعزية.
وقال بعضهم : الكتابة نقض الشعر.
وقيل للعتابى : بم قدرت على البلاغة؟ فقال : بحلّ معقود الكلام.
وأحسن أبو تمام فى قوله (٣) :
إليك هتكنا جنح ليل كأنّما |
|
قد اكتحلت منه البلاد بإثمد (٤) |
وزاد فيه على أبى نواس ، ومنه أخذ ، وهو قوله :
أبن لى كيف صرت إلى حريمى |
|
وجنح الليل مكتحل بقار |
لأنّ الاكتحال يكون بالإثمد ، ولا يكون بالقار.
وممن أخفى الأخذ ابن أبى عيينة فى قوله :
ما كنت إلّا كلحم ميت |
|
دعا إلى أكله اضطرار |
أخذه من قول الأول :
وإنّ بقوم سوّدوك لفاقة |
|
إلى سيّد لو يظفرون بسيّد |
ذكر ذلك عن المأمون.
ومما زاد فيه المتأخّر على المتقدّم فحسن معرضه ، وسهل مطلعه قول ابن المعتز :
ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا |
|
مثل القلامة إذ قدّت من الظّفر |
__________________
(١) ديوانه : ١٨٩.
(٢) فى الديوان :
حتى كأنا نعاد من مرضه
(٣) ديوانه : ١٠٣.
(٤) الإثمد : حجر الكحل.