وقد أحسن فى هذا المعنى جعفر بن محمد رضى الله عنهما ، فقال : الأدب عند الأحمق كالماء العذب فى أصول الحنظل كلما ازداد ريّا ازداد مرارة.
وقال صاحب كليلة ودمنة : الدنيا كدودة القزّ لا تزداد بالإبريسم (١) على نفسها لفّا إلّا ازدادت من الخروج بعدا.
وقال : إذا عثر الكريم لم ينتعش إلا بكريم ، كالفيل إذا توحل لم يقلعه إلا الفيلة.
وقال الشاعر فى هذا المعنى :
وإذا الكريم كبت به أيامه |
|
لم ينتعش إلّا بعطف كريم |
وقال صاحب كليلة أيضا : يبقى الصالح من الرّجال صالحا حتى يصاحب فاسدا ؛ فإذا صاحبه فسد ، مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر ، فإذا خالطته ملحت.
وقال بعض الحكماء : الدنيا كالمنجل استواؤها فى اعوجاجها.
والتشبيه بعد ذلك فى جميع الكلام يجرى على وجوه :
وجوه التشبيه |
منها تشبيه الشىء بالشىء صورة ؛ مثل قول الله عزوجل : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ)(٢) الْقَدِيمِ. أخذه ابن الرومى ، فقال فى ذم الدهر (٣) :
تأتى على القمر السّارى نوائبه |
|
حتى يرى ناحلا فى شخص عرجون |
وأين يقع هذا من لفظ القرآن.
ومن ذلك قول امرئ القيس (٤) :
كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا |
|
لدى وكرها العنّاب والحشف البالى (٥) |
__________________
(١) الحرير.
(٢) العرجون : العذق عامة ، وقيل : لا يكون عرجونا إلا إذا يبس واعوج.
(٣) ديوانه : ٢٥.
(٤) ديوانه : ٦٤.
(٥) الحشف : أردأ التمر أو الضعيف لا نوى له أو اليابس الفاسد.