والفرزدق يجرى على طريقة واحدة ، والتصرف فى الوجوه أبلغ.
وقال أبو نواس (١) :
قل لذى الوجه الطّرير (٢) |
|
ولذى الرّدف الوثير (٣) |
ولمغلاق همومى |
|
ولمفتاح سرورى |
يا قليلا فى التّلاقى |
|
وكثيرا فى الضّمير |
فانظر إلى سلاسة هذا الكلام وسهولته ، وقال (٤) :
ما هوى إلّا له سبب |
|
يبتدى منه وينشعب (٥) |
فتنت قلبى محجّبة |
|
برداء الحسن تنتقب |
خلّيت والحسن تأخذه |
|
تنتقى منه وتنتخب |
فانتقت منه طرائفه |
|
واستزادت فضل ما تهب |
صار جدّا (٦) ما مزحت به |
|
ربّ جدّ جرّه اللعب |
فهذا أجزل من الأول قليلا. وقال فى صفة الكلب (٧) :
أنعت كلبا جال فى رباطه |
|
جول مصاب فرّ من إسعاطه (٨) |
[عند طبيب خاف من سياطه] |
|
هجنا به وهاج من نشاطه |
كالكوكب الدّرّى فى انحطاطه (٩) |
|
عند تهاوى الشدّ وانبساطه |
يقحّم (١٠) القائد فى حطاطه (١١) |
|
وقدّه البيداء فى اغتباطه (١٢) |
__________________
(١) ديوانه ٤٢١
(٢) الطرير : ذو المنظر والرواء.
(٣) فى الديوان : لذا.
(٤) ديوانه ٣٦١
(٥) ينشعب : يتفرق.
(٦) الجد : ضد الهزل.
(٧) ديوانه ٢٠٧.
(٨) الإسعاط : أسعطه الدواء : أدخله فى أنفه.
(٩) فى الديوان : «انخراطه».
(١٠) قحمته الفرس تقحيما : رمته على وجهه.
(١١) الحطاط : حط البعير حطاطا : اعتمد فى الزمام على أحد شقيه كانحط.
(١٢) قد المسافر الفلاة : خرقها أى قطعها. الاغتباط : التبجح على حسن حال ومسرة. وفى الديوان «الاعتباط» بالعين المهملة ، من قولهم : اعتبطت الريح وجه الأرض قشرته ؛ ونسب ذلك إلى الكلب مبالغة فى شدة عدوه.